الفار اللعين

 بدأ الأمر عندما فتحت قلبي

لطارق على أبواب غيري


ليلة من ليال الشتاء

منغمسة في أريكتي الحمراء

يلفني دفء شال أمي الصوفي


بالخارج تتلاطم الرياح بكل ما يقابلها

نوافذ، أبواب، سيارات

لم يكن تواجد بشري او حتى حيوان شارد بالأمر المطروح


  البيت صامد متوهج

 في منتصف معركة

ارتفع عواء الرياح، رغم انتصاف القمر

خالط صوت العواء طرقات متعالية

طبول الحرب، أعلنت الطبيعة

غفوة

..أرى قوى الطبيعة تتصارع

الشتاء يرفض المُضي

هُزم جيش الغيوم بجندي

شعره أشعث ذهبي

النظر إليه كالنظر في عين الشمس

 من ذا العظيم يا تُرى، سأقترب لأرى..


(طرق، طرق، طرق)


أفقت من غفوتي، الطرق مازال

أيُعقل أن يكون...

نهضت مسرعة متلحفة بالشال

لطمتني الرياح للخلف فور فتحي للباب

كأنها تأمرني بالعودة قصرًا

أفقت من لطمتها ومددت للظلام بصرًا

نعم، رأيت ما كنت أخشاه

إنه الفار اللعين، ما كنت لأنساه


نبذة مختصرة: 

فرانكنشتاين، صديقي في صباه

ترك عائلته، ودراسة الهندسة

ترك حبيبته، وقطته، واصدقائه و.. أنا

حلمه كان أكبر من أن يبقى معنا

المسرح

منصة بلدتنا صغيرة

كانت تفي بالغرض سابقًا

ولكننا لا نبقى صغارًا

نكبر، نتمدد

تنمو لنا أجنحة، وامتلك فرانك أكبرها

كبيرة كفاية لأخذه بعيدًا

لم ينظر خلفه مرة، لم يودعنا.. الفار

لعنه الجميع، عائلته، حبيبته

قطته ماتت

أنا

لا أدرى لا أكرهه لإمتلاكه أجنحة وحلم 

ولكنني لا اسامحه

تسعة عشر عامًا ليست بقليل



وأتى فرانك، يا لبؤس حالته الآن

جناحاه ضعيفان متآكلان

يداه زرقاء بنفسجية

انطفأت عيناه، أين فرانك؟

تفحص وجهي لفترة، ألم يتعرف علي؟

لم اتغير كثيرًا، ما به صامت

واخيرًا نطق، وكأن ذاكرته عادت إليه


حوار قصير عرفت فيه أنه: عاد توه من السفر ولا يرد عليه أحد من عائلته، رغم سماعه لصوتهم بالداخل، مع رفض أبيه الشديد لدخوله حتى لو سيموت من البرد كما سمع صوت أمه تتوسل


دعوته للدخول والمكوث الليلة

وعندما ينقشع الظلام يمكنه العودة لباب بيته والمحاولة مرة أخرى


كانت ليلة واحدة، لا أدري كيف احتالت لأيام عدة

لم يكن بالعبء الثقيل، ولم يكن بالخفيف أيضًا


كأنني اعتدت

 تواجده على الكرسي المقابل وقت الإفطار

اشعال المدفأة كانت مهمته

قصص مغامراته المُحبطة وقت الغداء

امتنانه اليومي لي، رُغم ضيقته


صوت من خلف رأسي:

أتمنى ألا يفتح أحدهم الباب لك قط

 أتمنى أن تُشعل مدفأتي كل ليلة

لترد لي دين بقائي وحيدة


ربما لم أكن سوى نسخة أخرى من والده





 




تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

longing

لا مانع لديّ